‪Google+‬‏ كتاب ينتصر للرئيس القُرآني المختَطَف محمد مرسي للراشد الجزء الأول ~ فيديو الأقصى

الخميس، 22 أغسطس 2013

كتاب ينتصر للرئيس القُرآني المختَطَف محمد مرسي للراشد الجزء الأول

سلسلة
التوعية السياسية الإسلامية

الــرِّدَّةُ عن الحُـرِّيــَّة
كتاب ينتصر للرئيس القُرآني المختَطَف محمد مرسي
وتقرير تحليلي لأَبعاد انقلاب السيسي بمصر في يوليو 2013
ووثيقة تاريخية ترسم صورة الحَدَث كاملة
ورصد لأفصح ما قال الثقات عنه في العالم
ومجموعة رؤى تفاؤلية تتوقع تحوّل السلب إلى إيجاب بحول الله تعالى
وبيان وجوه الخطأ في قرار ملوك النفط بإسناد الانقلاب

بقلم
محمد أحمد الراشد

بسم الله الرحمن الرحيم
الغلاف من الفن التجريدي للراشد المقتبـس من فن بيكاسو، وفيه
رجال يـيـساقطون ... صدقوا ما عاهدوا اللهَ عليه
والدماء تتحول إلى ... نور يضيء الدرب ..
ومن الرجال مَن ... يـنـتظر ..
ولكن  أياديهم تـمتد لالتقاط النور ..
وجعله محور التجميع والخطوة اللاحقة .. نحو الحرية ..
قبل أن تـمتدّ لالتقاط الشهداء ...
في ترجيحٍ لمفاد الوعي السياسي .. على طبـيـعة العواطف ..
وفي وفاء لمستقبل الأمة ..
فكان أنْ .. سطع النور العالي
صَدَرَ يوم العشرين من رمضان المبارك 1434هـ
الموافق 29/7/2013
يباح لكل المواقع اقتباس هذا الكتاب كله أو بعضه
ويباح للأحرار في أنحاء العالم جميعاً طبعه على الورق وتوزيعه مجاناً كما هو باللغة العربية
أو ترجمته إلى أي لغة أخرى وطبعه وترويجه

ويقترح المؤلف إدراج كتابه هذا ضمن مناهج التطوير الدعوي وتدريسه في المدارس القيادية
مع الحرص على إيصاله لعلماء الشرع الحنيف وخطباء الجمعة والإعلاميين وضباط الجيش والشرطة
وإلى نبلاء الناس وشيوخ القبائل وأساتذة الجامعات والمعلمين والقضاة والمحامين
وإلى كل حر امتلأ قلبه بعواطف الحرية والاستعلاء الإيماني
ووصية لقادة المرابطة والجهاد في غزة أن يطبعوا من هذا الكتاب خمسين ألف نسخة ويوزعوها على كل الأحرار في غزة ليكون ميثاقاً للمرحلة القادمة ومنطلقاً في خطة الدفاع
                                                      أحرارُ مصر ....
¨          ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ يرسمون أبعاد الجمال

   بهذا الانضباط الذي أبداه الإخوان المسلمون بمصر بقيادة مرشدنا المؤتمن الأستاذ محمد بديع وضبط النفس في أعقد الساعات وأشدها إحراجاً، بعد حدوث الـمجازر البشعة التي ارتكبتها قوات الجيش والشرطة المصرية أمام مقر الحرس الجمهوري بالقاهرة ثم في ميدان رابعة العدوية، ثم في مسجد القائد إبراهيم في الاسكندرية، وبالإصرار الذي أبداه الإخوان ومرشدهم النبيل وأركان مكتبه الإرشادي وقيادة حزب الحرية والعدالة، على سلوك الطريق السلمي في المعارضة، بل المبالغ في السلم: يؤذَنُ للقلم الفكري ويُتاح للمؤرخ الصادق أن يقولا بكل ثقة واعتداد: أن دعوة الإخوان المسلمين كبرى الحركات الإسلامية الإيمانية المعاصرة قد رسمت بمقدرة فنية عالية أبهى وأوضح خطوط وألوان أبعاد الجمال السياسي الاجتماعي، وصارت قائدة لمسيرة كل الإسلاميين والأحرار المصريين، بل لكل الأحرار في الأمة الإسلامية، فقد صحّت بداية الدعوة وصفى فكرها عند أول خطوة، ثم لزم العفافَ سلوكُها على مدى كل خطواتها، في أيام عافيتها وفي أزمان المحن الظالمة الثقيلة التي رزحت تحتها: فصحّت توغلاتها الحاضرة، واستوت في جميع العالم الإسلامي على مقعد صدق القيادة للأمة من غير عُنفٍ وإرهاب ودم مُهراق، بل هي الضحية، ودمُها هو المراق.
  لكن هذا هو آخر الزمان، حيث يُـخوّن الأمين، ويؤتَـمن الخائن، ويُكذّب الصادق، ويُصدّق الكاذب، وينطق "الرويبضة"، وهو "الفلولي البلطجي" من أعوان الطاغية مبارك، و"الشِّبيحي الزعراني" من خدم بشّار الأسد، وما كان غريبا أن تُحرّك أميركا جنرالات الجيش المصري، بتمويلٍ من آل سعود وآل نهيان، لنصرة الرويبضات وإقالة سيادة الرئيس الشرعي مرسي دعائم الخير والتنمية وإحداث أبشع انقلاب عسكري في التاريخ المعاصر بمنهجية دموية، ونواصٍ كاذبة خاطئة دعت ناديَها من المأجورين والشيوعيين إلى ساحة التحرير، وسيدْع اللهُ الزبانية، ولذلك التزم الإخوان المسلمون الوصية الربانية في مثل هذا الموقف: أن فوّض أمرك إلى الله تعالى، (واسجد واقترب)، فسجدنا، فقتّلونا رُكّعاً وسُجّدا وصياما، وكذبوا علينا، وإلى الله المشتكى.
وقد آلمني الخطْبُ، وعَصَر فؤادي، لأن القتلى من أبناء الشعب مئات، والجرحى ألوف، ولكني تأولت خيراً، بسبب التماثل التام مع حادثة قتل الكفار لمؤمني قبيلة خُزاعة حلفاء النبي صلى الله عليه وسلم، وقول عمرو بن سالم رضي الله عنه بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم قصيدته التي مطلعها:
اللهم إني سائلٌ مُحمدا        حلف أبينا وأبيه الأتلدا
إلى أن قال:        وقتّلونا رُكّعاً وسُجّدا.
فقال النبي r:     * نُصِرتَ ... يا عَمرو بن سالم *
وقد زادت محنـتـنا عن مقدار محنة الصحابة رضي الله عنهم، في أننا قتّلونا ركّعاً وسجّداً وصُوّما.
والإخوان المسلمون أنصارُ الله تعالى وحلفاؤه والدعاة إلى دينه.
وكأن الملائكة تقول لمحمد بن بديع إذ هو ملحاحٌ في دعائه اليوم:
*نُصرتَ ... أيها المرشد العاقل الحكيم*
*ونُصِرَتْ جماعتُك .. بما صَبَرت على توالي المحن*
*ونصرتم أيها الإسلاميون بمصر جميعاً، الإخوان والجماعات السلفية والمستقلون*
والقائد يقول للشعب المصري اليوم ولكل الأُمة ما قاله عيسى عليه السلام:
(من أنصاري إلى الله ؟)
والله تعالى يقول:                     
(يا أيها الذين آمنوا كونوا أنصار الله)
فستؤمن طائفة، وتتلعثم طائفة.
فيؤيد الله عشاق الحرية، فيصبحوا ظاهرين.
(وبَشّر المؤمنين) أنه ينتظرهم (نصر من الله وفتح قريب).
  فعلى الرغم من عمق الألم: مازال قلبي تَسكُنُه السكينة والطمأنينة والثقة بأن آخر هذه المحنة سيتمحض لصالحنا ويخسأ الفسقة والطغاة ويعود مرسي أو أخ له مثيل، ويوم تكون الانتخابات حُرة بلا تزوير: فإن الفوز الجديد سيكون ساحقاً وبنسبة مئوية عالية غير معهودة في التاريخ السياسي، وسيكون فرجٌ بعد الشدة، وفرحٌ بعد الحزن، وستقترب الجماعات الإسلامية من بعضها البعض أكثر وأكثر وتسود بين القادة جميعاً محبة وتفاهم، ومثل ذلك بين الأعضاء، وسيكون التحاق الملايين من المواطنين بمحاضن التربية الإيمانية ومجالس العلم الشرعي وفعاليات الإصلاح الاجتماعي، ويكون نماء التيار الإسلامي إلى ثلاثة أمثاله وأكثر، وربما إلى عشرة أمثاله، لأن الانتصار وظرف الحرية سيطلق الطاقات من عقالها وقيودها، ويتقدم الدعاة كقادة للجمهور، فتنتعش الأنفس، وتَتَنقّى الأفكار، وتتوضح الوجهة، ويزيد الإيمان، وتتأجج العواطف الجهادية، فيكون كل ذلك هو المقدمة للمعركة الأخيرة مع يهود، وتزول إسرائيل، ومن غباء قادة الصهيونية: أنهم حرّشوا العلمانيين وصرفوا عليهم لإسقاط الرئيس مرسي، ولم يفطنوا إلى أن السقوط الوقتي سيؤدي إلى مسلسل الصعود الإسلامي اللاحق الذي ينتهي إلى جهاد يذهب بدولتهم، ووالله إني أكاد أقرأ ذلك، وأفهم من المسيرة القَدَرية الربانية إشارات تجتمع لتقنعني بأن الله سيعصف بالباطل داخل مصر، ثم تكون مصر قدوة لأقطار كثيرة تتحرر من الطغاة، ثم يكون التنادي للجهاد على سُنّة إسلامية واضحة، وتحت قيادات مخلصة وواعية، وراية إسلامية خضراء تملؤها حروف "اللهُ أكبر" ويكون الفتح المبين، وربما كان ذلك في سنة 2022 الميلادية بعد عشر سنوات من الآن أو تِسع، كما أوضحت ذلك في كتاباتي ومحاضراتي سابقاً، بقرينة خبر في (التلمود) لعله نبوءة من بقايا كلام أنبياء بني إسرائيل التي لم تُحرّف، وجعلوا علامة ذلك أن زوال إسرائيل سيكون بعد ست وسبعين سنة قمرية من تأسيسها حين يكون مُذَنّب "هالي" في القعر في أبعد نقطة له عن الشمس، مما سيكون في السنة المذكورة كما هو الحساب الفلكي الدقيق، وفي كتاب الأستاذ بسّام جرار عن "زوال إسرائيل" تفاصيل عن قرائن تُرجّح ذلك، واكتشف الشيخ سفر الحوالي تفسير أحد أنبياء بني إسرائيل في التلمود لرؤيا رآها الملك البابلي نبوخذ نُصّر، وأن زوال دولة إسرائيل حسب التفسير تكون في سنة 2012، وقد مرّت السنة ولم تزل إسرائيل، والجمع بين الروايتين عندي أن بدء اليقظة والتحرر الإسلامي سيكون في سنة 2012، وعلامة ذلك ثبات غزة ووفرة صواريخها وكثرة جندها وشبكة أنفاقها تحت الأرض، ثم يتأكد ويتواصل الصعود الإسلامي في كل البلاد، ثم تكون المعركة الحاسمة سنة 2022، والله أعلم، وعندي أن مسيرة الحرية الحاضرة وانتباهة المسلمين المعاصرة هي القرينة على أن عمل الإسلاميين سيتطور خلال عشر سنوات لينتهي إلى استرداد الأرض المقدسة، ولذلك كتبت كتابي الجديد "مقدمات الوعي التطويري" الذي سيصدر مطبوعا بعد عيد الفطر بحول الله ومبثوثا في موقع البيع الإلكتروني وألواح الأندرويد، ثم تتلوه كتب أخرى في التطوير الدعوي أيضاً، مساهمة مني في إنضاج مسيرة الصحوة والحرية والجهاد وتحسين مستوى الأداء الإسلامي العام، السياسي منه والاجتماعي والتنموي والمدني والحضاري، ليكون مكافئاً لمتطلبات المعركة الحاسمة.
        قد ننتظر .. واثقين أن الرياح ستدفع شراعَنا !
  وبعض هذه الثقة التفاؤلية أستمدها من المعاني العظمى الكامنة في مظاهرات ميدان رابعة العدوية التي بلغت عدة ملايين من الرافضين للانـقلاب العسكري، وملايين أخرى متوزعة في ساحات مدن أخرى بين الإسكندرية إلى أقصى جنوب الصعيد، وهي جماهير واعية ومنضبطة ملتزمة وتحت الإشراف الميداني المباشر لمرشد الإخوان وكل القيادة الإخوانية والسلفية، وبذلك تحققت حالة من السيطرة عالية المستوى جداً، والتفهم لفوائد شرط سلمية الاعتراض وافر جداً أيضاً، مع تعامل إيماني وأخلاقي وذوقي رفيع نادر المثال، والتداول الفكري المعرفي عريض وظاهر وتشارك في صنعه أرهاط عديدة من كبار المثقفين الإسلاميين وأساتذة الجامعات وعلماء الشريعة، والكل يصطف للصلاة الجامعة خمس مرات، ثم يكون التهجّد وقيام الليل، بحيث تطور هذا الاعتصام ليكون أبرع اعتصام سياسي شهدته الأمة الإسلامية في تاريخها الحديث والقديم، وأضخمه وأوعاه، والمشهد يمثل كتلة كبرى يندمج فيها الإيمان بالفقه ثم بفحوى السياسة الشرعية ثم بالمعرفيات والأخلاق، بحيث لم ير مثل ذلك زاهد من رجال التربية القرآنية، لا الفُضيل ولا الجنيد ولا الغزالي، وأيضا: لم ير مثل ذلك فيلسوف كان يحلم بالمثاليات، فها هنا حقيقة بشرية في ميدان رابعة وما هي بخيال، واجتمعت كل المعرفة وتركزت واستقرت في فِناء رابعة، ومن المستحيل على أي طاغية أن يفتت ويلغي هذه الكتلة التي تستند إلى بُنية أساسية عمرها خمس وثمانون سنة من تراكمات السعي الدعوي الشامل والتربية الإسلامية المنهجية، والقلوب متصلة بعشرات ملايين أخرى من الدعاة على نفس المنهج في أرجاء العالم تتضرع إلى الله أن ينصر الله دعاة مصر، هم بين الرباط في أقصى المغرب ومدينة مراوي في جنوب الفلبين شرقاً، وبين تترستان عند سـيـبـيـريا شمالاً وموزمبيق الإفريقية جنوباً، وحتى لو أن دكتاتور مصر الجديد استطاع بقوة السلاح إجلاء الكتلة عن ميدان رابعة وفرّقها: فإن توزعها العريض في أحياء المدن والقرى سيـتـيح مخاطبة القاع الشعبي العميق وتوعيته وقيادته في عمل تغييري توفرت له اليوم التجربة والفكر والإبداع التخطيطي والمساندة الإعلامية، ولا يمكن أبداً أن تتكرر مسلسلات الطغيان السابقة، فقد ألغتها حقائق الحرية التي فطن الناس إلى معناها بعد ذهول ونسيان، وكانت ثورة الخامس والعشرين من يناير منعطفاً تاريخياً في المسيرة السياسية للأمة كلها وليس لمصر فقط، وتوفرت اليوم الشجاعة والإيجابية وأنماط البذل وفداء الروح وفهم ركن النهي عن المنكر في التكوين الإيماني، والاقتحام والتوغّل واستـثمار الفوز الأول هو القناعة الشعبية السائدة الآن، وكانت السكْرة البائدة هي أثر من آثار الصدمة النفسية التي أحدثـتـها حروب الاستعمار والحرب العالمية الأولى، كما إنها نتيجة للخطة التجهيليةالتي عمل بها الطغاة الذين أتاح لهم الاستعمار احتكار الحياة السياسية وغسل مخ ثلاثة أجيال من خلال التعليم المدرسي المنحرف والإعلام المزور، ثم جعل الله تعالى مواعظ الدعوة تتراكم إلى درجة النجاح في إيقاف الهجمة التغريـبـية، فنشأ جيل الصحوة الذي نوى الاستدراك، وبقي دائباً في التربية والتطور حتى فهم الشعب الحقائق فثار، وخدمته المدنية العالمية التي أتاحت له الكومبيوتر والإنترنيت والإيميل والفيس بوك والتويتر والموبايل، وتَقاربَ الزمان والمكان من خلال المخترعات والطائرات والقنوات الفضائية، وصار العالم قرية واحدة، وارتقت ثقافة الطبقة الوسطى التي هي بين المسـتضعفين في الأسفل، والحكام الظلمة الأعلى، فقادت العملية السياسية، وتبدلت المعادلات الميدانية والاحتكارات واسـتـبداد المخابرات، ومازالت المسيرة تدأب نحو التكميل واستثمار المعطيات، والتقدير العقلاني المنطقي يقول بأن المرحلة القادمة هي مرحلة تعميق وترسيخ الحرية وحقوق الإنسان، ومن المستحيل أن يرجع الشعب إلى عهد الضيم والضهدة والاستضعاف والخنوع للطغيان، وكل القرائن تدعو إلى الجزم بأن عهد الملوك والمماليك هو تحت التصفية الجبرية القانونية الدستورية، وأن المستقبل لهذا الدين القيم، كما قالها سيد قطب رحمه الله، ولكنها رفسات المنـتهي نراها.
  ثم جزء آخر من الثقة نـسـتمده من موقف عقلاء الناس النبلاء الأشراف، أمثال المسـتـشار طارق البِشري، فإنه مع الشرعية، وينكر الانقلاب العسكري، وتكلّم بوضوح، وأمثاله كثرة، وسَفَلة القوم فقط من عبدة الدولار هم الذين يؤيدون الطغيان.
  ثم كل الثقة تحتل قلب المؤمن حين يقرأ آية (إن الله يدافع عن الذين آمنوا) وقوله تعالى: (ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين)، وليس أقل من مائة آية في القرآن الكريم تتحدث عما يقارب هذه المعاني، ثم الله عادل ورحيم بعباده، ولا يـستـوي عنده المؤمن والفاسق، كما في آية: (أفمن كان مؤمناً كمن كان فاسقاً ؟ لا يستوون) وقد انقسم الشعب إلى سواد عريض من الصالحين وشرذمة من المجرمين والمصلحيين باعت الضمير والدين والمبدأ والذات والعرض وكل شيء بثمن بخس دراهم إماراتـية وريالات معدودة تفنى مهما كبر رقمها، والله تعالى أغير على دينه من أن يدع الشرذمة ترفل بالسلطة وتكون الأكثرية المؤمنة في محنة وضيق وسجون وقتل، ولكنه انتصار وقتي هو سبحانه قرره لحكمةٍ تخفى علينا، ثم يكون تمكين المؤمنين إذا ثـبـتوا، وعلينا أن نقرأ المشهد قراءة قَدَرية، وأن نعتقد أن من تمام فهمنا للدين ومن أقدس واجباتنا الإسلامية: عدم الاسـتـسلام إذا جثم قَدَر الشر، بل ننازعه بقَدَر خيري ونغلبه ونُجليه، وقدر الخير في هذه الحالة تمثله الحرية وأن تكون السلطة بالأيادي العفيفة الطاهرة حتى لو لم تحكم بالإسلام، ولكنها توجِد الظروف والبـيـئة المعينة على عمل دعاة الإسلام بحرية، وتمكينهم من التـبـليغ وتربية الشعب بالتدرج على القِيَم الإيمانية وتعليمه الإيجابية.
· وأنا لا أزعم حتمية الفشل الفوري لانقلاب الجنرال السـيـسي، فربما ينجح بكثرة القتل والسجن والإرهاب من تفريق جموع ميدان رابعة العدوية ويكمم الأفواه، ولكنه لا يستطيع إدامة انتصاره مدة طويلة كما فعل عبد الناصر والأسد وطغاة آخرون، لاختلاف الظرف، ولأن الشعب حصل على جُرعة من الوعي كبيرة من خلال ثورة 25 يناير وثورات الربيع العربي، ولوجود جمهرة قيادية إسلامية عظيمة الحجم تقود الشعب في محاولة التحرر، وآليات الإعلام العالمي خارج مصر تـنقل المشهد ساعة بساعة، وأميركا هي التي تـسـيطر على الموقف داخل مصر لا الجيش، وإنما الجيش آلة مشتراة، والسفيرة الأميركية "باترسون" هي ملكة مصر الحقيقية والرئيسة النافذة الأمر، لا الجنرال السـيـسي الذي هو مجرد عميل ودُمية بيد السفيرة، وأميركا عدو عاقل، فلعلها تُدرك أن استمرار وتيرة الظلم في مصر ليس في صالحها، وتفهم من ضخامة التحرك الإسلامي المعارض ما لا يفهمه السـيـسي، فتأمر بالاستدراك وحلول وسطى هي خير لها من العصف الكامل بمصالحها وأهون من تنامي روح العداء لأميركا، ودوائر القرار الغربي تدرك ما ندركه نحن من "متوالية الطغيان والحرية" في ظواهر حركة الحياة، مما لا يدركه السـيـسي، لغبائه وضحالة مستواه العقلي والتأملي والمعرفي، وفحوى هذه المتوالية أن الطغيان إذا اشـتد جداً: تحركت أشواق الحرية في دواخل الناس فتكون ثورة تنهي الطغيان، حتى إذا رفل الناس بالخيرات والحرية مدة طويلة ضعفت احتياطاتهم، فيـسـتـيـقظ طاغية جديد يـسـتـثـمر غفلة الناس ونسيانهم لذكريات الطغاة، فيتكرر السوء، حتى إذا طال زمنه وزاد البغي: انتفض الناس وثاروا، ثم من بعد مدة يغفلون، وهكذا تـسـتمر هذه المتوالية، لكن مدة الحرية تكون أطول في كل مرة، بتأثير الوعي النامي، حتى يصل الأمر بعد تكررات عديدة إلى استقرار عهد الحرية وانقطاع الظلم، وهذا هو الذي حدث في أوروبا وأصقاع كثيرة، ونظنه هو الذي سيحدث بمصر، ولكن التطور المدني والمخترعات الحديثة والرقميات تـشـتغل لصالح أرهاط الحرية لا لصالح الطغاة، ومُدد الطغيان ستكون أقصر بشكل واضح، وعملنا لو تغلّب السـيـسي على مؤمني رابعة ينبغي أن يكون مع القاع الشعبي في الأسفل، نربيه ونوقظه ونمده بالوعي، حتى الدعاة في أرجاء العالم يمكنهم أن يشاركوا في هذه التربية والتوعية داخل مصر، من خلال الإنـترنـيت والموبايل وأنواع الإسناد التي تصبّ بمصر، وفي هذا تفصيل يتولاه فقه التطوير والتخطيط، وإن معركة الإسلام الكبرى في الأمة الإسلامية ضد الجاهلية والهيمنة الأميركية أصبح محورها مصر، ومنها سـيـنطلق النصر ويمتد، وميدانها هو الميدان.
· ثم القراءة القَدَرية لتطور الأمور في قضية فلسطين وشواهد تشهد باحتمال صحة نبوءة التلمود اليهودي بزوال إسرائيل سنة 2022 للميلاد: توجب أن تكون غزة في خلال هذه السنوات بأيدي المجاهدين من أبطال حماس، لتقود انطلاقة التحرير الكبرى الحاسمة بحول الله، واسـتمرار حكم السـيـسي العسكري يضادد ذلك، لأنه سيعمل على إحياء خطة مبارك الأميركية في حصار غزة أو الهجوم عليها، ولذلك فإن الأقدار سيوجهها الله نحو فشل الحكم العسكري وحصول الحرية ثانية بقيادة الإسلاميـين.
كيف ؟ وبأي طريقة سيكون فشل الانقلاب؟
لا أدري، وإنما أنا موقن بأن ذلك سيحدث بحول الله، وهي حكمة الله وحدها ستدفع الأقدار إلى أن تعمل لحصول هذه النـتـيجة طالما أننا على الإيمان والثبات والبذل. الشرط الوحيد المطلوب منا أن نبقى في الساحة ننازع الطغيان حتى ولو اعتقلوا قادتنا والناشطين منا، فالمفروض أن نواصل المسيرة السـياسـية الاعتراضية التي هي باب من أبوب الجهاد والنهي عن المنكر، وكلما سجنوا قادة: نبغ جيل جديد قيادي من الصف الثاني فيـتصدر ويواصل الموقف الصلب ويـسـتعين بالله أولاً، ثم بالطاقات الإسلامية الكثيرة في أرجاء الأمة الإسلامية بل والعالم كله، وبطاقات الأحرار من غير المسلمين، من خلال تـنـسـيقات وخطط تتولاها قيادات الإسلام في كل قطر لتصبّ في وادي النيل، والجهود الإعلامية في هذا الصدد مهمة جداً، والكتابات، والآداب، والشعر، والإنتاج الفني، والتحليلات السياسية، والمال، وضغوط التويـتـر والفيس بوك والإيميل ورسائل الموبايل، وتحريك جمعيات حقوق الإنسان، والأحزاب الخضراء، والمحاكم الدولية، ومراكز البحوث السـياسـية، وكبار الكتاب والمفكرين والفلاسفة، والبرلمانـيـن، ورموز التحرر في كل شعب، ويكون كل ذلك في كل العالم.
· وآية (وتلك الأيام نداولها بين الناس) تـشـهد لفحوى متوالية الطغيان والحرية التي ذكرناها، واسـتعراض تواريخ الأمم فيه شواهد كثـيرة أيضاً، والإنسانُ في هذا المجال مخيّر لا مُسـيّـر، وفي الحالتـين هو بقدر الله يتحرك، أي أن الخيار بيدنا، إن نَـشأ نخنع، فيَكرهنا الله ويعاقبنا بطول جثمة الظلم، أو إن نَـشأ نـنـتفض ونطالب بالحرية ونجهر في الميادين برفض الطاغية، فنكون أقرب إلى احتمال نزول رحمة الله وتأيـيد الملائكة لنا وتزلزُل الحكم الاسـتـبدادي، وهذا الموقف مطلوب من كل مسلم ومن كل حر من أبناء الشعب وإن كان نصرانياً أو بوذياً، وليس هو واجب دعاة الإسلام فقط، بل الدعاة هم القادة، والدخول في الحشد المعارض هو واجب كل فرد، ويكون أداؤه لهذا الواجب بنفسٍ سمحة، ومن أصوب ما قرأت في التويـتر أن البعض صار يقول: مع أني أختلف مع مبادئ الإخوان إلا أني ضد الانقلاب أيضاً،  وهو لا يدري ما هو خلافه مع الإخوان، ولو تأمل لأدرك أنه لا يـسـتطيع أن يزعم تعيـيـن شيء يختلف مبدؤه عن مبادئ الإخوان، فإن الإخوان يدعون إلى كل الإسلام، وإلى العدل والتـنمية والتعاون وأجمل الأخلاق وصلة الرحم ونصرة المظلوم وإغاثة اللهفان، وإلى كل مصلحة تعارف عليها البَـشر أنها من صفات النـبل والمروءة، فمع أي خصلة من هذه الخصال الخيرية هو يختلف ؟ لا شيء، ولكن الشيطان يحاول تخذيل عباد الله عن العمل الصالح التعاوني، ولم يـشـتـرط الإخوان على كل أحد أن يدخل صفوفهم ليتعاونوا معه، بل هم مفتوحون إزاء مبادرات كل نـبـيل يريد منفعة الناس والحفاظ على القِيَم والإخلاص للبلد، ولم يزعموا أنهم هم المسلمون فقط، بل شعارهم المشهور أنهم (دعاة لا قضاة)، وأنهم جزء من الأمة الإسلامية، ولكنه جزء امتاز بتداول العلم وممارسة التـربـية وتـنظيم الأعضاء وتخطيط العمل، فأصبح مؤهلاً بذلك لقيادة بقية المسلمين، وهذه نـتـيجة طبـيعية لحيازة تلك المزايا، فصاحب العلم في عرف كل الأمم يقود مَن لم يتعلم، والمنـتـظم أكفأ من السائب، والملتزم بتخطيطٍ أفضل من أصحاب الارتجال، فأين الغرابة، ولماذا يـسـتـنـكف مؤمن جاد يريد نهضة الأمة وزوال الطغيان من أن يقوده الإخوان ؟ لا شيء في الحقيقة، وإنما هي شـبهات يُلقيها الشيطان ليصد البعض عن تحصيل أجر المعاونة في رفع الظلم.
أما وجود احتمال قتل لو سلك المؤمن درب المطالبة بالحرية: فهذا لا يتقصده الإخوان، وهم أبرياء في قيادتهم من التهوّر والاستعجال والمغامرة، ولكنها هكذا هي الطواغيت، تقتل عشاق الحرية، وهي المسؤولة عن هذا الإثم لا الإخوان، ولكن شعوب العالم كلها قد تعارفت على دفع ضريـبة دم إذا أرادت الحرية، وكل أُمة ناهضة متقدمة الحال نراها اليوم في قوة ومكانة عزيزة: سبق لها أن دفعت هذه الضريـبة وبـسخاء، والأمم الضعيفة الآن هي التي خنعت واسـتـثقلت دفع تلك الضريبة، فلبـث فيها الطغيان، فضمر الإنـتاج وانعدمت التـنمية وتاهت فضعفت، والمفروض أن يكون كل فرد من الشعب باذلاً لنفسه في ميدان منازعة الطواغيت، لا بدافع الإسلام فقط، بل بالدافع الإنساني العام أيضاً، والذين يخنعون هم أنانيون في الحقيقة، لأنه يرى نفسه في رفاهية ولا يحاول تخليص الملايـين من الفقراء والمسـتضعفين، وهؤلاءالمواطنون في دول الخليج اعتدنا أن نسمع منهم في التويـتـر قولهم: نحن بخير، وآل نهيان عمرونا بالفضل، وآل سعود، وآل الصباح، فلا تتدخلوا في أمرنا. فنقول لهم: هذه أنانية وبقية جاهلية، فإن كنتَ في رفاهية: فما بال عشرات الملايـين من الفقراء بمصر وغيرها، ولماذا لا تعمل على الارتقاء بحالهم وتوفير الحرية لهم إن كنت مؤمناً حقاً، والمسلم أخو المسلم ؟ ولماذا لا تنكر على حكومتك إرسالها البلايين الكثيرة لعصابات الضباط الذين بدلوا واجب جيوشهم من تحرير فلسطين إلى حماية العروش ؟
· أقول: ومما يضاعف وجوب نصرة المسلم لأخيه المسلم: أن الأمر خرج عن حدود الخلاف السـياسي وحصلت مجزرة أمام مقر الحرس الجمهوري عدد ضحاياها في حدود الخمسين في بعض التقديرات، أو حدود السبعين في رواية الإخوان، مع أكثر من ألف جريح، ولكنّ عدد الضحايا ارتفع في يوم 12/7/2013 إلى مائة وثلاثة، لموت بعض الجرحى، والتقى الإعلامي أحمد منصور بمجموعة من أساتذة الجامعات والمهندسين والأطباء تم الإفراج عنهم بعد اعتقالهم أياماً، فأفادوا بأنهم تعرضوا لأبشع أنواع التعذيب التي هي فوق الخيال، ثم حدثت مجزرة رابعة العدوية التي اسـتـشهد فيها مائة وخمس وثلاثون وجرح أربعة آلاف وخمسمائة، ومجزرة مسجد القائد إبراهيم بالاسكندرية، وهذا وصفٌ يجعل الطاغية الجديد بمصر أسوأ وأردأ العهود الطغيانية الحديثة في العالم العربي، لأن هذه البداية تحوي نبأ نهاية دموية أيضاً، مع دماء على طول الطريق، ولا يفوقه غير القذافي في دمويته حين قَتَل أكثر من ألفٍ ومائة قتيل في حادثة سجن بو سليم.
فراجع نفسك أيها المواطن المصري السلبي الذي لم ينضم إلى مظاهرات النكير الإسلامي على الظلم الطغياني، وراجع نفسك أيضاً أيها الخليجي السلبي الذي لم يدرك بعد جريمة حكومته في صنع الانقلاب العسكري بمصر.
إن انضمام السلبـيـين إلى تيار رفض الطغيان سـيـبدل المعادلة ويلغي تفوق العسكر، فإذا حصلت انتخابات حرة لا تزوير فيها: فإن الأغلبية سـتـنحاز إلى الشرعية والحرية ويرجع الرئيس المخطوف مرسي إلى الحكم، أو ثقة على شاكلته، ويكفي الله المؤمنين مزيد قتال. وإذا كان تزوير: يلبث عشاق الحرية هم الأقوى أيضاً، لأنهم هم القاع الشعبي العريض الذي يواصل الإباء حتى يتحقق فرج بعد هذه الشدة.
· وقد عصفت بدواخلي العواطف المرسوية، فكانت قصيدة من بحر مجزوء الرَمَل نظمتُها متغنياً بفضائل ومناقب الرئيس القرآني الأمين، ومقتـبـساً وزن (طلع البدر علينا) وما في ذاك الطلوع من بركة وتـشريف، وقلت:
طلــــــــــــعَ البـــــــــدرُ علينــــــا
لامعــــــــــــــاً مثــــــــل اللآلـــي
شــــــاكراً مُرسي كثيــــــــراً
صـــــــاعــــــداً نـحو المعالـي
أيـــــها الـمرسي اللبـيــبُ
أنــــتَ حُـــــرُّ ابــن حَلالِ
أنتَ عَدْلٌ، أنت كفؤٌ
أنــــــــت مَــــــــلّاء ُالـمجالِ
ثِـــــــــــق بشعـبٍ نَثَــرَ الأشــــواقَ في دربِ الخيالِ
مِصـــــــــرُ والإسلامُ والإيـمـــــانُ:ضُمّانُ الـمـــآلِ
حيــــث نَصُّ اللهِ والـمُرسَـــــــلِ دينـــي وابــتهالـــــــي
فَهمُكَ الصارمُ: فقـــــــهٌ
صــــــــار نـجمي وهلالــي
رادفـــــاً نــــــهضةَ شعـــــبٍ
قد نـــوى صُنــــعَ الـمثالِ
السيـــــــــاســــاتُ تعاطــــت
لَعِبــــــاً واطــــــــي الفِعــــــــالِ
حِينَ حَسّت مُرسيا يرســـــــم أبعــــــــــــادَ الجَمــــــالِ
الـــمــــــوازيــــــــــــن عِــــــــــــــواجٌ
ســــــاقهــــــــا نـحــوَ اعتدالِ
علَّمــــــوا الناسَ القطيـعةْ
رَدّهـــــم صَوبَ الوِصــالِ
أدْخَـــلوا الشعـــبَ متاهاً
دَلَّــــهُــــم نَـجــــــمَ الشِمالِ
وســـقــى رُوحَ عِطــــــــــــاشٍ
بــــــــــــرحـــــــــــــــــــيــــــــــــــقٍ وزُلالِ
قُل لِنيلي: حُبُّ مُرسي
يَـــــــرْوِيَـــــــــنْ حَبَّ الخِـلالِ
جاهــليـــــات السياساتِ
تـــــــنــــــــــادتْ لِـــــــــــــقِتـــــــالـــي
بِــــــــــــعْ إلى الـــــــــــروحِ نقاءً
رُصَّ صَـــــفــــــــــــــاً لِـــــنِـــــــزالِ
صُـــن شُـموخاً غَمَر اسـتـــــعلاءَ قــاماتِ الجبـــالِ
نَـهجُــنا: وَعـــيُ شــــــروطٍ
ثُــــــــمَّ صُـــــــنْــــــعٍ لــلـــرجــــالِ
دعوتـــــــي: عَـــــزْمٌ وصَبْـــــرٌ
عنــدَ ساعاتِ السِّجالِ
طــــــــــوِّر الصفـــــــوةَ تظفــــرْ
بـــــقوىً تَـــــــــــرْعى كَــلالـي
ذي وصـــــايا (سَــــــيّـــــــــــدٍ)
رَبّــــــــــاه قُـــــــــرآن الظِــــــلالِ
بـــــيعتــــي جَزْمٌ، أُطيعُ الأمـــــــــر يــــا زيـــنَ الخِصالِ
يا بليغَ الحَرفِ وازي (الثبتَ) في صــــــــوغِ الـمَقالِ
إنّــــــك الطلـــــــــقُ الطليـــــقُ
قـــــــــــوِّ يُــمنــــى بـــــشِمـــــالِ
نـافــِسَـنْ، إجـمعْ لصوتٍ
تَـتَــــــرجّـــــحْ في الصِّيــــــــــالِ
لا تُرَعْ، واسـتـشهِدِ الصــوت تَـنَــــــلْــــــــهُ بالــــــــــدَلالِ
إقتَــــحِمْ: أنت لـهــــــا، في يــــــــــومِ حَـسْــــمٍ وانـــــتـــثالِ
                                                                                 
o       الانـتــثال: استخراجُ النبل من الكنانة ونثرها اسـتعداداً للرمي والقتال. كذا في ترتيب القاموس المحيط/1581
o       الثـبت: هو ثابت بن قيس بن شمّاس رضي الله عنه، خطيبُ رسول الله صلى الله عليه وسلم.
o       وفي ترتيب القاموس/958: (صاوَلَهُ مصاولةً وصِيالاً وصِيالةً: واثَبَه).
o       وفي ترتيب القاموس/888: الشِمال، بكسر الشين: ضد اليمين.
o       وفي ترتيب القاموس/716: الماء الزُلال: (البارد العذب الصافي السهل السلِس).
· والمعنى في القصيدة: أن شعب مصر في حالته الطبـيعية رقيق العواطف، جمالي الأحلام والتمنيات والرؤى، ولذلك هو يـنـثر الأشواق الصادقة دوماً ويميل بالفطرة النقية إلى الثقة الأمين المؤمن، وأما ما حصل من اضطراب فهو نشاز بـسـبب خُطة صُرفت فيها الأموال لتجييش المجرمين والنكرات، وفي كل قوم رهط لا مبادئ لهم، وخوف اليهود من إسلامٍ يـتمكن بمصر وغيرها دعاهم إلى تحريك النفوذ الأميركي ليضرب ضربته، وأما عموم الشعب فهو من السوء بريء، ونحن نـثق به، وضمانُنا: عمق الروح الإيمانية السارية بمصر، والقناعة بتحكيم الشريعة، ومن ذلك انطلق مرسي، صارماً في فقهه، ناوياً تحقيق تنميةٍ قد عشق الشعبُ صورتَها المثالية التي تخيّلها لواذاً ببعض التأنـيـس الذي يداوي الوحشة التي جثمت عليه طويلاً، لكن السياسات الخفية الصهيونية الأميركية النفطية لعبت لعبـتها حين رأت مُرسياً يفهم السبيل إلى تحقيق الأبعاد الجمالية، وصار الدليلَ في مسيرة الشعب الطَموح، وروى الظمأ، وكان واضحاً أنه قد عرف طريق التطور الذي يمر بصناعة الرجال الذين يختارهم من الصفوة المتميزة الذكية، والذين سـيعالجون كَلالَ مصرَ وضعفها، فكانت بلوى القمع الذي يـنـبغي أن لا يروعنا ولا يُجفل مرسي، لأنه يـسـتطيع المضي في ثقته بشعب مصر الذي غمرته الصحوة، فيـسـتأنف المنافسة وجمع الأصوات، ويقتحم ثانية، فإن معظم عقلاء مصر ومَن يفهم التـنمية معه، وقد تـبـيّن لهم الحق وكرهوا الفساد والطغيان وقرروا استجلاب البركة الربانية على مصر بمزيد من الإيمان، وإذا منع الجنرالاتُ الإخوانَ من الترشيح، أو زوّروا النتائج الانـتخابـية: فإن ردود الفعل الشعبية سـتظل تـتفاقم وتـتـسع في أوساط الأمة الإسلامية كلها حتى تصل إلى درجة ثورة أخرى وسـتكون أضخم من الأولى وأسرع وأوعى، والانقلاب نقلنا إلى خريفٍ من بعد الربيع العربي، وسيكون هناك شتاء جاهلي شديد، ثم بعد كل شتاء ربيع جديد مُزهر.
وأنا لست بذاهلٍ عن أن الانقلابـيـين سيحاولون منع الإخوان من الترشـيح، وإذا سمحوا لهم تحت ضغوط دولية فإن التـزوير سـيمنعهم من الفوز، ولكني ذكرت محاولة جمع مرسي للأصوات في الانـتخابات في قصيدتي إمعاناً ومبالغة في تـثـبـيـت نمطنا السلمي في المعارضة، الذي هو الأجدى في الظرف الحالي، وقراءة الساحة والواقعة تجعلنا نحرص على تفويت فرصة الانقلابـيـين باتهامنا بالإرهاب كي يكون اسـتـئصالنا.
        الوجه الأميركي لانـقلاب السـيـسي ودأب أميركا في ضرب الطموح الإسلامي
  وكنا نظن الرئيس أوباما أعقل من الرؤساء الذين سبقوه، وأن الأثر الإسلامي والإفريقي في دمه سـيمنعه من العدوان ويـسـمح للحرية أن تـنـتـعش في بلادنا، فإنه عنصر مثقف أميز من بوش بكثير، ويميل إلى الواقعية والتزام المبادئ، ولكنه خيّب ظننا وسمح لمخابراته وحكومته بالعودة إلى العادة القديمة في كبت تطلعات الشعوب وصنع الانقلابات على رجال الحرية، فكان الانقلاب الإجرامي بمصر وأعطى الإذن للجاهل السـيـسي أن يكون دكتاتوراً جديداً بمصر يعيدها إلى وظيفة حراسة آل سعود وآل نهيان وآل الصباح، وحراسة إسرائيل، ومنع التـنـمية، وأوباما في فعلته هذه يـبرهن على أنه يسلك السلوك المصلحي البعيد عن الالتزام الأخلاقي المعرفي، لأن الذي يـترجح عندنا أنه يعرف جيداً أن الحق مع الإخوان والإسلاميـين ومرسي والأحرار، ولكنه يخضع لضغوط اللوبي اللصهيوني الذي يرى تحقيق أمن إسرائيل من خلال هذا الانقلاب، ويقال أن المخابرات ووزارة الدفاع دبّرتا الانقلاب، وأن وزارة الخارجية الأميركية لها رأي مخالف، ولكن سياق الأحداث يـشـير إلى ضلوع الخارجية في المؤامرة، لأن السفيرة باترسيون هي التي قامت بإنذار الرئيس مرسي وطلبت منه الخنوع فرفض، وهذا مثار اسـتغراب آخر، لأن وزير الخارجية (كيري) أحاطته هالة إعلامية حين تـسلّم منصبه زعمت أنه ضد السـياسة الإسرائـيلية، وضد التدخل في العراق والأفغان، ويرى تعميم الحرية، ولكن الشواهد تدل على ضد ذلك، وأن جميع ساسة أميركا يـنـتـهجون سياسة عدم تمكين الإسلاميـيـن من نيل السلطة.
وكان الأستاذ البلتاجي، القيادي في حزب الحرية والعدالة، قد أوضح يوم الانقلاب أن السفيرة باترسيون، سفيرة أميركا إلى القاهرة: قد زارت الرئـيس المخطوف مرسي قبل ساعات من الانقلاب، وبصحبـتها جنرال من الجيش المصري ووزير خارجية دولة خليجية، ولعله الإماراتي، فطلبت منه أن يكون رئـيسا رمزياً فقط، وأن ينقل سلطاته لرئيس وزراء جديد يعيـنه الجيش، ويوافق على حل البرلمان وإلغاء الدستور، فلما رفض أنذرته بأنه سـيُخلع بالقوة، وطلبت منه أن يقبل معونـتها له عند اعتقاله، فرفض متوكلاً على الله تعالى.
وهذه الزيارة هي الدليل الحاسم على أن الانقلاب هو قرار أميركي، وما حصل من رفض أوباما وحكومته وصف ما جرى بأنه انقلاب فيه دليل آخر قاطع على اسـتمرار رضاها عما حدث على الرغم من جنوح الانقلاب نحو الدموية وارتكاب المجازر ومقتل أكثر من ثلاثمائة مواطن في المظاهرات السلمية وجرح أكثر من ستة آلاف، وعدم الامتعاض من الكذب الصريح الذي فاه به جنرالات الجيش في زعمهم بأن إطلاق النار حدث دفاعاً عن النفس مع أن الروايات مجمعة على أن القتلى والجرحى كانوا يؤدون صلاة الفجر في مذبحة الحرس بخاصة وأن الرصاص أصاب ظهورهم وليس صدورهم، مما ينفي أي وضع هجومي، ولكن هكذا هي عادة أميركا، تـسـتعمل الجنرالات حين يضيق أمرُها ويَضعف مكرُها، وهو دأبٌ اسـتعملته في أميركا اللاتـيـنـية كثيرا وبطريقة مفضوحة ومخزية لها، واسـتـعملته في إفريقيا وآسيا وبعض البلاد العربية سابقاً، وفي تركيا كانت تحرك الجنرالات للانـقلاب مراراً قبل أن يُنهي أردوغان نفوذهم بعد تمهيدات من أربكان ثم طورغود أوزال.
· ونموذج الانقلاب الأميركي معروف، فإنها تجمع غوغاء الناس والسَفَلة وعصابات الإجرام ومافيا المخدرات، وتغدق عليهم الأموال، وتأمرهم أن ينزلوا إلى الشوارع في صورة معارضة سـياسـية، فيأتي انقلاب الجيش وكأنه اسـتجابة لرغبة شعبية، وللتمويه الإعلامي في ذلك دورٌ رئـيـس، ثم تنهال الهبات المالية الدولية والقروض من صندوق النقد الدولي لتمكين الانقلابـيـين من إرضاء الشعب ببعض الترف الوقتي السريع الزوال من خلال صرف نصف المليارات الواردة، ثم ذهاب النصف الآخر للحسابات الشخصية للجنرالات والساسة المطايا الذين يخدمون الجنرالات.
· وحين يكون أمرنا جداً، ويكون الإسلام مقترباً من الحكم: فإنّ الغرب يصطف كله ضدنا وليس أميركا فقط، بل تشاركها أوروبا، وذلك ما حصل، إذ زارت وزيرة الخارجية في الاتحاد الأوروبي الانقلابـيـين، واجتمعت مع السـيـسي والنكرات، وأيدت الانقلاب، ولم تجتمع بمرسي ولم يكن منها إصرار على الانقلابــيين لرؤية مرسي، فكان معنى ذلك انحياز أوروبا رسمياً للانـقلاب، وليس هناك خلاف ذلك سوى تصريحات لوزيري خارجية السويد والمانيا تـسـتغرب عنف الانقلابـيين ولا تنكر أصل عدوانهم.
· هذه المسرحية رأيناها حين أراد مُصَدّق تطوير إيران قبل سـتين سـنة، وبدأ بتأميم النفط ونوى التـنمية وتمكين المخلصين واسـتـبعاد الخونة من الساسةالقدماء عبيد الشاه، فعملت أميركا انقلابها ضده وأقصته باستخدام الغوغاء وفقراء الفلاحين، وكان رجال المخابرات الأميركية والسفير الأميركي يتحركون جهاراً نهاراً،وهناك عشرات الكتب التي تصف تفاصيل تلك الواقعة مما لا يعرفها الجيل المعاصر إلا قليلا.
· وروت بي نظير بنت بوتو قبل مقتلها في مذكراتها المطبوعة المنتشرة في الأسواق أنها كانت تعيش في أميركا، فزارها ممثل عن وزارة الخارجية الأميركية وبصحبـته ضابط من المخابرات الأميركية، وطلبا منها أن تـسـتـعد لتكون رئـيـسة جمهورية الباكسـتان، فضحكت وقالت بـسـذاجتها: كيف وأنا لا أملك حزباً ولا أنصاراً ؟ فقالا لها: نحن نطلب موافقتك فقط، وعلينا الباقي من تجميع الحشود، وحين مغادرتك المطار في بلادك سـيكون مليون باكسـتاني يهتفون باسمك، فاخطبي فيهم، ونحن نحركهم ونجعلك رئـيـسة. تقول: وحين خرجت من المطار فوجئت فعلاً بمليون يهتفون باسمي وعرفت لأول مرة أسرار السياسة ووجهاً من حركة الحياة .! وأظنها كشفت ذلك في مذكراتها لأنها تخرجت من أكسفورد بـبريطانيا وتربت تربية غربـية تميل إلى الصراحة.
فكذلك كان انقلاب السـيـسي بمصر: بلطجية من أعوان مبارك، وفلول النظام السابق، وفقراء من سكان المقابر، وملاحدة من بقايا الشـيوعيـين، ويهود، وحاقدين من الأقباط، ونوع من السلفية أتباع المخابرات السعودية غسل دماغهم شيخ إفريقي من وعاظ السلاطين اسمه الجامي يعيش في الحجاز يحمل المبخرة لتـبخير الملك والأمراء، وجمعت المخابرات الأميركية كل هؤلاء وصرفت لهم من أموال آل سعود وآل نهيان وآل الصباح ما قد يصل إلى ملياري دولار، ومليارات أخرى إلى الجنرالات وجنود الجيش والشرطة، وحصل الحشد في ساحة التحرير، وزعم الجيش أنه يـسـتجيب لرغبة الشعب، وهم في الحقيقة هؤلاء النكرات والخونة.
· وهذه التـشكيلة البائـسة من الحثالات تُذكّرُني بقصة قرأتُها في كتاب (نفح الطيب من غصن الأندلس الرطيب) للمِقِّري: أن حالة فراغ حدثت في غرناطة أثناء الاضطرابات في أيام دويلات الطوائف، فتعاون زبّال وكَنّاس على تـنصيب قصّابٍ أميراً على غرناطة، وكوّنوا عصابة من أمثالهم، ودام حكمهم أياماً، واليوم بمصر يتفق سكان القبور، مع كل جنرال فَرور، فرّ من واجب حرب إسرائيل إلى لعبة الانقلابات، ونصّبوا الطرطور الذي تـبـيـن أنه من أُم أميركية، وتخرج من كلية الحقوق بدرجة مقبول فقط، وتـنـصيـبه مخالف للدستور، لأن أمه غير مصرية ولأنه لم يؤد اليمين الدستورية كرئـيـس للمحكمة العليا أمام رئـيـس الجمهورية، فلذلك يُعتـبـَر تـنـصيبه باطلاً.
· وقصة النفوذ الأميركي في الجيـش المصري قصة قديمة جداً بدأت مع ثورة يوليو سنة 1952، وكان ضابط من الثوريـين اسمه حسن التهامي هو الذي ينـسق العلاقة بين عبد الناصر وأميركا، إضافة إلى محمد حسـنـين هيكل الذي كان موظفاً في الملحقية الصحفية للسفارة الأميركية في القاهرة، قبل أن تدفعه أميركا ليكون المسـتـشار الإعلامي لعبد الناصر، ثم زاد النفوذ الأميركي بعدما وقفت أميركا في الظاهر على الأقل ضد العدوان الثلاثي على مصر سـنة 1956 وساعدت على جلاء جيوش بريطانيا وفرنسا وإسرائيل عن الأرض التي احتلت، فزادت ثقة عبد الناصر بالحلول الأميركية وحصل أول توغل أميركي إلى داخل الجيـش المصري، لكنه بقي محدوداً، فلما حصلت النكسة سنة 1967 واهتز حكم عبد الناصر وانحطت سمعته بين العرب: اضطر لقتل عبد الحكيم عامر، وكذب على التاريخ فزعم أنه مات منـتحراً، ثم سجن علي صبري وقال قولته الصادقة الكاذبة: الآن سقطت دولة المخابرات، فذهبت مثلاً، وكأن المخابرات ليـسـت بُضعة منه، ولما تولى السادات: زادت أميركا توغلها، ولكن بحذر، فلما تورط السادات بعقد معاهدة كامب ديفيد: فَلَتَ الأمرُ وصارت المخابرات الأميركية والإسرائـيلية تـتجول في محيط الجيـش المصري كما تريد، فلما قتل السادات وجاء عهد مبارك تم التوغل علانية، وصار كبار الضباط يذهبون أفواجاً إلى كليات الأركان الأميركية ليتم غسل دماغهم وشراء ذممهم وربطهم بالخطة الأميركية، وحادثة سقوط الطائرة المصرية قديماً قرب الشواطئ الأميركية كشفت ما كان مكتوماً، إذ كان على متـنها سـتة عشر جنرالاً مصرياً أتموا تدريبهم في كلية الأركان الأميركية، وربما كان بعضهم قد أبى الخنوع فقررت إسرائيل قتلهم بوضع قنبلة في الطائرة، كما أشارت التحقيقات، ثم في بقية عهد مبارك أتمت أميركا توغلها، وأصبح الجيش المصري مِلكها بالكامل، وكانت تـتـبرع بمليار وثمانمائة مليون دولار سنوياً للجيش المصري، وهي تعلم أن نصف هذا التـبرع يذهب إلى الحسابات الخاصة للجنرالات، فاشـترتهم بذلك وباع الكثير منهم ضمائرهم، ثم أوحت أميركا إليهم بفكرة بناء اسـتـثمارات خاصة للجيـش ليجمع منها أرباحاً تكفي كميزانية للجيش، بزعم وجوب سرية الميزانية العسكرية، لئلا تعلمها إسرائيل إذا أُدرجت ميزانية الجيش في الميزانية العامة للدولة، وهكذا تم بناء إمبراطورية مالية احتكارية تحت مظلة هذه المزاعم، حتى وصل الأمر إلى احتكار أغلب المخابز، وصار كل جنرال يدير بعض المعامل والتجارات، فيـبلع نصف الأرباح، وبذلك استطابوا اللعبة ونمت مواردهم الشخصية، فكان لابد أن يتحركوا ضد مرسي والإخوان أو ضد أي ثورة حقيقية تعزلهم وتوقف جريان أنهار الأموال إلى جيوبهم، وهذه هي خلاصة القصة.
· وهؤلاء الجنرالات الخونة الذين اشـترتـهم أميركا والإمارات ودولة آل سعود، وفقاً لما سَرّبه قيادي مخلص في الجيش هُم إضافة لعبد الفتاح السـيـسي: رئيس أركان حرب القوات المسلحة الفريق صدقي صبحي، قائد سلاح الجو الفريق يونس السيد حامد المصري، قائد القوات البحرية الفريق أسامة أحمد أحمد الجندي، وقائد قوات الدفاع الجوي الفريق عبد المنعم إبراهيم بيومي التراس، وقائد المنطقة العسكرية المركزية اللواء توحيد توفيق، وأنجى الله من هذه الفتـنة كلاً من قائد الجيش الثاني الميداني اللواء أحمد وصفي، ولذلك حاولوا اغتياله وسلّمه الله وأصيب بطلقة في ساقه، وكذا نجّى الله قائد الجيش الثالث الميداني اللواء أسامة عسكر، حفظهما الله ورعاهما، فقد كان موقفهما بطولياً وأبدياً رجولة وتعفّفاً عن المال السحت الحرام، وأخلصا للوطن ولم يـنـتكسا.
وممن شارك في فتـنة الانقلاب مدير المخابرات الحربية اللواء محمود حجازي، وهو الذي اختطف الرئـيس الشرعي مرسي، وكانت مهمة الخائن مدير إدارة الشـؤون المعنوية اللواء أحمد أبو الدهب توزيع الأموال الواردة من محمد بن زايد والملك السعودي عبر الأمير محمد بن نايف، ومنها مائة وخمسـين مليون دولار إلى ياسر برهامي رئيس حزب النور السلفي. وهذه الأسماء والمعلومات تداولها موقع: www.facebook.com/ameralazem  وعنه أخذتُ، وفي المواقع تقرير أدلت به أميرة اسمها "بَـسمة" يفضح مقادير الأموال التي وُزعت على الانقلابـيـين.
· وتعود بي الذاكرة إلى الأيام الأولى من انتخاب مرسي، حيث كشف له السـيـسي خُطة الجنرال الطنطاوي وجنرالات المجلس العسكري السابق لاغتيال مرسي عند تـشـيـيع الجنود القتلى في سيناء في حادث افتعلوه، فوثق به الرئـيس مرسي وجعله وزيراً للدفاع، ثم خانه اليوم، وهذا يعني أنه وصولي انتهازي كان يرنو إلى التـسلق منذ البداية ليحكم مصر، فوشى بطنطاوي ورؤسائه من أجل ذلك لا من أجل الحقيقة، ثم نقض بـيعته لمرسي بفعلته هذه الأخيرة، وكفر بـنعمة الله عليه ثم بـنعمة مرسي حين أسـند إليه وزارة الدفاع مع أنه أصغر الجنرالات عُمراً وما كان يدري أن الطموح الشخصي الأناني والطمع الدنيوي هو الذي يُـسـيّره، وأنه على اسـتعداد لأن يكون دموياً جبّاراً من أجل الحكم، جزاراً على طريقة قصّاب غرناطة ويـسـتعين بالحثالات، وفي كل قوم زَبَدٌ وعناصر جوفاء، وليـست مصر بدعة بين البلدان.
· وهذه الأخبار وتحليلات الأحداث ترجعنا إلى الوعي القديم وتجعله جديداً وعقيدة معاصرة ومستقبلية: أن (أميركا) هي رأس الشرور كلها، وأنها هي الأخطر على الإسلام والمسلمين، وأنها عدوة الدعوة الإسلامية رقم واحد، والأقذر والأخطر علينا، وأن الداعية الذي لا يصل وعيه إلى هذه الدرجة من والوضوح والجزم هو داعية ما تزال فيه بقية من سذاجة.
  وهذا الموقف الأميركي ليس هو رد فعل لأخطاء إسلامية، أو لعنف تجاهها يُبديه تنظيم "القاعدة"، بل هو خُطة مدروسة قديمة من يوم قررت أميركا في بداية القرن العشرين إنهاء عزلتها وبدء التدخل في الشؤون العالمية، فكان احتلالها للفلبـين سنة 1901 وإلحاقها كولاية من الولايات المتحدة الأميركية، ثم تخلّيها عن ذلك بعد سنة واحدة واكتفائها بقاعدة عسكرية وجعل الفلبـين منطلقاً لتدخلاتها في اليابان والصين وكوريا، ثم منذ اشتراكها عسكرياً في الحرب العالمية الأولى في الجبهة الفرنـسـية وإسـناد أعداء المانيا مالياً، مما أتاح للرئيس الأميركي ويلسون أن يكون رئـيس مؤتمر الصلح في فرساي سنة 1919 وإعلان المؤتمر التزامه بحق اليهود في إقامة دولة إسرائيل في فلسطين، وإجبار الأمير فيصل بن الشريف حسـين بالاعتبراف بهذا الحق المزعوم، فاعترف، وكوفئ بجعله ملكاً على العراق، ولبـثـت أميركا منذ ذاك التاريخ قبل ثلاث وتسعين سنة تتدخل في العالم الإسلامي، لا سياسياً فقط، بل واجتماعياً أيضاً، فقد عثرنا في الأرشيف الوطني الأميركي على تقرير مازال محاطاً بالسرية حتى اليوم رفعه السفير الأميركي ببغداد سنة 1928 فيه تفصيل أخبار العوائل العراقية المتعاونة مع السفارة في خطة إسفار نساء العراق وترك الحجاب، ثم زاد النفوذ الأميركي من خلال النجاح في تحصيل امتياز استخراج النفظ لشركة أرامكو من الملك عبد العزيز آل سعود، وبذلك صارت كل المنطقة منطقة حيوية في الاسـتراتـيـجية الأميركية، ثـم تَـمّ وضع خارطة المستقبل حين اجتمع الرئـيس روزفلت بالملك عبد العزيز على ظهر السفيـنة الحربية الأميركية، وحين بدأ نجم الإخوان المسلمين يصعد بمصر وظهرت قوتهم بعد جهادهم في فلسطين سنة 1948: اجتمع سفراء أميركا وبريطانيا وفرنسا في معسكر (فايد) على قناة السويس وأعلنوا وجوب حلّ جماعة الإخوان وتصفيـتها، فكان ما كان على يد الملك فاروق أولاً بعدما قتل الإمام حسن البنا رحمه الله، ثم على يد جمال عبد الناصر، وإعدامه الإخوة عبد القادر عودة والشيخ فرغلي ويوسف طلعت، وآخرين، ودخل بقية الإخوان السجون حيث كان أعنف التعذيب والبـشع، وحصل أثناء المحنة قتل تسعة وخمسين أخاً سجيـناً بالرصاص في ليمان طرة خلال إضراب داخل السجن، ثم أعدم عبد الناصر سنة 1966 سيد قطب وكوكبة أخرى، وكل ذلك بعلم أميركا وتـشجيعها، وبعد قليل من رفع السادات للمحنة وإخراج الإخوان من السجون: عاد مبارك فأحدث محنة جديدة سنة 1981 مات خلالها الأخ السـنانـيري بـسـبب شدة التعذيب، واستمر التضييق حتى 25 يناير وحصول الثورة، فما يفعله السـيـسي ليس هو غير فصل جديد في هذه القصة القديمة.
  وكان على القيادات الدعوية أن تدرك قبل أربعة أشهر من انقلاب السـيـسي أن انقلاباً سـيقع على الطريقة الأميركية، فقد أصدرت الأميركية زوجة زلماي خليل زاده الأفغاني الأصل وسفير المجرم بوش إلى العراق تقريراً عن مؤسـسة (راند) للأبحاث التي تديرها وتقدم من خلالها رؤى مسـتقبلية لساسة أميركا وعساكرها ودوائرها التخطيطية  سنورده كملحق في آخر هذا الكتاب، وأخبرتُ به الكثـيـر من القادة والدعاة حين صدوره، وخلاصة تقريرها: أن على أميركا أن تغيّر تصنيفها لأعدائها، فبعد سنوات من اعتبار (القاعدة) هي العدو الأول: يجب أن يكون (الإخوان المسلمون) الآن هم العدو الأول، لأنهم حازوا مراكز قوة بعد الربيع العربي، وهم جماعة تـتميز بالصلابة في المواقف، وفشلت محاولات تـسـيـيرهم بموازاة السياسة الأميركية، ولذلك يجب ضربهم وإنهاء حكمهم، ولأن أكثر التيار السلفي يحالف الإخوان اليوم: فإن على أميركا أن تـتوجه نحو الجماعات الصوفية وتساعدها وتعمل على تمكيـنها، والنموذج الصوفي التركي أفضل من غيره.
هذه هي فحوى التقرير الطويل، والذي يبدو أن صُنّاع القرار الأميركي اعتمدوه وأخذوا به، ومن القرائن على ذلك أني سمعتُ الرئـيس أوباما يخطب بعد شهر واحد من صدور التقرير ويذكر في خطابه أن أميركا صديقة الإسلام، والإسلام الصوفي بخاصة. هكذا سمعتُه بأُذني. فكان من الواجب علينا أن نرصد المحاولة الانقلابـية القادمة، وأنها ستكون أميركية الهوية، وأن المال سـيكون هو سلاحها الأول، ثم الإعلام. أما الإعلام فهو ظاهر ويعمل علناً، وسقط الحياء عن أسماء لامعة فقالت سُخفاً كثيراً. وأما المال فهو محاط بـسِرّية، خوفَ الفضيحة، ولكن كان من القرائن على أنه وسيلة أميركية أيضاً ما بلغنا أن كليـنـتون بعد انـتهاء رئاسته وعمله كوسـيط في القضية الفلسطيـنـية: قال لخالد مشعل: لقد حيّرتمونا يا رجال "حماس". قال خالد: نحن واضحون أيها الرئـيس وقولنا واحد. قال كليـنـتون: (نعم، ولكن ليس لكم سِعر .. !!)، وصدق وقد علّمنا تعبـيـراً في وصف أنفسـنا لم تتوصل إليه بلاغتُنا. نحن قومٌ بلا سِعرٍ، نحن بِدعةٌ بين القوى السـياسية، نعمل لله، ونخلص للأمة، ولا نـبـيع قلوبنا، وفي سبيل الله نجاهد، وإليه نـسعى ونحفد ونـتـرشح ونكون وزراء ورؤساء، وننظر إلى أجر أُخروي، وجنةٍ عَرضها السماوات والأرض أُعدت للمتقين الطاهرين في يوم الاختلاط والتلوّث .!!

0 التعليقات:

إرسال تعليق